الثلاثاء، 19 مايو 2015


إضاءة علي الاغنية السودانية

محطة ووقفة مع تاريخ الاغنية السودانية 

الاغنية السودانية 









حفلت الأغنية وعلي إمتداد تاريخها العريض بالعديد من الكلمات الآسره , والألحان الخالده , إتصفت هذه الأغنيات باكتسابها صبغة حزاينيه ....حتى كادت ان تصير صفة ملازمة لها.
كلمات الاغنيات تكاد تكون الأصدق بين نظيراتها في بغية أجزاء العالم , والأغنيات التي قطٌر فيها الشعراء ما تبقي من دموع بمآقيهم ,غالبا ما تٌخلد في ذاكرة المستمع وهناك أغنيات كثيرة قد شكلت وجدان الشعب السوداني منذ بدايتها "بالطمباره واللحن الدئري ".
هنا سأقف معكم علي نماذج منها مثالا:
كتب باكرا الشاعر صالح عبدالسيد أبوصلاح أحد أصدق الأغنيات (خلي العيش الحرام)....كانت الاستهلاليه ....كبداية لخواطر متصوف زاهد ....فكانت البداية  " خلي العيش حرام مادام أرى الموت يحل
مابين الرميش فوق للطريف الكحيل
يمضي أبوصلاح في نثر عبق رائعته إلي ان يبلغ به الوجد , مراحلا حرجه من الصبابه ...فيبكي متكئا علي صدق حسة ليكتب لها متمردا علي المعتاد "تتملك محاسنك روحي جيل بعد جيل
والاك الجمال يرفع لقدرك يجل "
روعة التصوير لدي ابوصلاح مكنته من سهولة إيصال إحساسة , ووقفا لأاوامر ربيع الدواخل يكتب لها مبررا شوقه " يتمني الهلال ينصاع لي قدمك حجل " فالحجل "تلك الاساور التي تلبس في الارجل كزينة لدي حسناوات تلك الحقبة الزمنية " .....فأمنيات الهلال ان يكون (حجل) , يحمل من المعاني ما هو عصي علي الحس ادراكه ....فقد يعني " تذلل الهلال ...قبل إكتماله بجدرا ...إفتتانا بحسنها ".......وربما كان المعني تمني ذلك القمر ملامسة جسدها والادامة علي الاحاطة بتلك الروعة والجسد الجميل .
تتجسد أجمل معاني الروعة في مفارقة هي الأجمل من نوعها , حكي لها عن مخاوفه , لا يهاب حربا ...لا الرماح ولا السيوف تخيفه .....ولكنها تخيفه تقاسيم وجهها الفاتن ليقول باكيا " بنخوض المدافع لو كان تزيد او تقل ....ونهاب من ضميرو الاهيف المنفتل .......ونقابل المدافع بالثبات والعقل ..ونخاف سيف عيون ان لمعت صقل"....يستطيع ان يقابل جيش ويخوض المعارض لكنه لا يستطيع الصمود امامها ....ينهار بمجرد النظر إليها ...".
ترجم معاناته معها عبر معاني كانت بالنسبة له ابسط ما يكون ....معاناة عاشق لن يري محبوبته الا بالصدفه حسب ما كان في تلك الحقبة الزمنية ...يتوق للقاء عابر ..لنظرة ولو كانت لمحة ..ولكنه يخافها...حكي ابوصلاح تفاصيل معاناته ليضع لها في الختام الخيار لها ....فكل ما يلقاه في هواها جميل ...يرضي بكل نفحة من هوى المحبوب ....ختاما وبكل ثقه وانكسار هما اخفي ما يكون بين الاحرف مخاطبا " والتختارو لي لا شك جميل يا جميل "
بكي السر الدوليب مشاركا محمد ميرغني في (انا والاشواق ) ....حينما كتب للمحبوب ذات اليوم حينما حلق مغردا " انا والاشواق في بعدك بقينا اكتر من قرايب" ....ليصف بصدق مدي الذي يعتريه.
ذات عيد وقف الحلنقي ومحمد الأمين علي باب اللهفه ينتظرون احدهم فلما انقضت اللحظات اتكأ الحلنقي علي وسادة الحب والشوق كاتبا " لو وشوش صوت الريح في الباب يسبقنا الشوق قبل العينين" ....قمة الترقب والانتظار لحبيب هو في حسابات الزمان غياب ...ليردد محمد الامين برفقته " مرت لحظات وكمان ساعات طالت وحياتك منتظرين " .....فحجم الانتظار هنا يعادل من الشوق الف سنه غرام.
تاج السر عباس وخليل اسماعيل قدمو "صكوك الغفران " مقدما للحبيب علي ما فعل وما سيفعل ....فكان ان حكي تاج السر عباس عن حجم اللهفة التي اعترته في سبيل اللقاء قائلا " تخيلي كيف مشاعري انا ...انا المصلوب علي الميعاد ..اعود كيفن ملان غربه واشيل الليل عذاب وسهاد" ....يعلم انها لن تأتي ولكن عنادا انتظرها ....لأنه حتي لو رجع لن ينام ....فحينما علم أنها لن تاتي قدمها لها مساحات العفو والاعتذار براحات من الورق الابيض " اغالط نفسي في اصرار واقول يمكن انا الما جيت" ....ثقة بها وانها لن تخيب ظنه ...لذلك كتب أجمل إعتذار حفلت به الأغنية السودانية للاطلاق .....اذ انه اعتذر لها لنفسه عنها.
كذلك تآمر عزمي احمد خليل مع حمد الريح ليخرجو (بكائية) الانتظار والشوق " رجيتك وفي انتظار عينيك كملت الصبر كلو " ....حضرت اشواقة قبل موعد اللقاء بساعة ....وهو هناك بدأت  تاتيه الهواجس " لمن راح زمن جيتك وخطاك في دربي ما طلو شفقت عليك من السكة ودموع عيني وراك كملو ".... لكن شيئا كان يخيفه اكثر حينما قال " عشان ما تنسي زكرتك
وقلت براك .. بتتزكر
ما خليت قلب فيني
شان ما قلت تتاخر
يعني اقول نسيتني خلاص
وحاتك والله ما قدر
ليواصل بكائيتة ....وفي ذات المساحات بكي الهادي الجبل بدموع فيها من الخضوع ماهو واضح :
كـم حــاولــتـــا أعــانــد ذيـــك واقـســى عـلـيـك بكـلمة شويه
إلا وحــاتــك غـصـــبـــاً عـنــي قـبـــل عـنــادى تجـى الحنيه
ودربـــاً سـرتــو مـعــاك بـى قـلــبى منو بلاك ما بتبقي الجيه
مــا فــارقـتــه فـى يــوم ذكــراك وأنـا ذكــراي عـندك منسيه
أنــا مـجــبـــور أسـتـنــى رضــاك وانت أريتك ترضى علىّ
لم يستطيع ان يعاند في حضرة الشوق ...فدلال المحبوب قد اقلق مضجعه ......فما ان يقرر الجفه الا ووجدها تحولت الي حنين دفاقا .....لم يستطع نسيانها ولم يخطر علي بالها يوما .....ليبكي في الختام علي موسيقي تصويريه حزينه قائلا  " انا مجبور استني رضاك وانت اريتك ترضي علي .
نزار عبدالله بشير ...إعلامي وشاعر سوداني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق