السبت، 2 مارس 2019

أوجاع آخر الليل




جُل ما كنت أخشاه في فترةٍ من الفترات أن أفقد القدرة على التعايش مع الحياة بشتى ظروفها،أن يظل كتابي رفيقي ... أن أقرأ كيفما كنت وأينما كنت،أحمل مدونتي بجيبي وقلمي وأكتب عليها متى ما حانت اللحظة ... ليس وعياً مسبقاً ولكن خوفاً من الفقدان...
والآن لم يُعد شئ من مخاوفي موجود؛لأنها ذاتها قد ذهبت بتكرار حدوثها حتى أصبحت ضرباً من العادي والواقع ...
أوجاع آخر الليل هي تماماً مثل ذلك الذي يحس اليتيم حين يخلد الجميع للنوم ويبقى وحده في منزله الواسع (الضيق)  ولا شئ قادر على أن يحتوية فيحتوي نفسه متكوراً عليها محتضناً وسادته التي ملّت الدمعات... هي أحاسيس المهاجرين الذي إختاروا الإغتراب طوعاً وكُرهاً،فقتلتهم حرارة الشوق رُغم صقيع الأجواء،أولئك الذين يملؤهم الحنين حتى آخر أنفساهم فيفض على شكل دموع كلما مر بالخيال طيف حبيب أو قريب...
حتى أزمانٍ قريبة كانت المتعة حاضرة في أبسط التفاصيل،في لقمة نتقاسمها سوياً،في ضحكةٍ نتشاركها جميعاً،في جلسة أنس في....في... وأصبحنا أكثر تعقيداً إمتلكنا ما يدهش ولا دهشة ما يُفرح ولا فرح،وكأن للإحساس حد مرونة إذا تخطاها أصبح كل شئ بلا معنى...
أوجاع آخر الليل هي حال أولئك الذين وصلوا لمرحلة حتى يئسوا من الفرح وظنوا أنهم مواقعوا الأحزان طوال حياتهم فأقاموا معها صلحاً وأعدوا العدة ليتعايشوا معها بقية حياتهم،فما عاد يؤثر فيهم غدر حبيب ولا وفاء صديق... كل الأشياء رمادية بلا لون كل الأطعمة بلا طعم ... كل العطور بلا رائحة... يكفي أن تستخدم منها ما تيسر لأجل أن تكون قد فعلت لا لأجلِ شئٍ آخر...
الذين لم يكن يتخيلوا يوماً أنهم بالغو هذة المرحلة العُمرية التي هم فيها الآن ...وهم لم يحققوا ربع تلك الأمنيات التي رسموها،حتى أنهم ... لم يعد العمر يعنيهم كثيراً ... قائمة الأمنيات حُبلى بالكثير تزداد يوماً بعد يوم في تناسبٍ عكسي مع عداد العمر الذي ينقص يوماً بعد يوم،الذين لا يعرفون ما الذي ينتظرهم يوم الغد، أولئك الذين أصبحت تتساوى عندهم الأيام فاليوم كالذي مضى وكالآتي...
إليهم ولغيرهم ... بهم ولهم هذه الأحرف ستتواصل...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق