الخميس، 3 ديسمبر 2015

بين النــــــزارين

بين النزارين 
مأزق البداية هي ما يؤرق كل كاتب ، فعادة ما تتترجع بداية المقال بين البداية النمطية التى حفظها كل قاريء (حصيف) ويستطيع أن يتوقعها كل محب للقراءة ؛وبداية مفتعلة تبدو للوهلة الأولى أنها مبتكره وذات إسلوب رائع غير أنها مملة وتغتقد للكثير من الجماليات .
شخصيا أبدو عشوائيا جدا في الكتابة إنطلاقا من قناعتي بأني أحب الكتابة وأني أكتب (ﻷرتاح) من رهق الكتمان ، أكتب متى أتيحت لي الفرصة كثيرا ما أفتعل الأجواء والطقوس التي أعتقد أنها قادرة على إخراج بقايا (زفرات الحنين) القابع والمطوق بالكتمان ؛ فأجدني أستكثره على الكتابه فأستغله للقراءة.
شيء من الجنون يصيبني في حالات (الكتابة والقراءة) ، أحضر كرسيا وحزمة من الورق الأبيض ، مجموعة أقلام ، دفاتر قديمة ممزقة الأغلفة بها مجموعة من المتون والعناوين المؤجلة ، كوب من الماء البارد ، كوب آخر صغير من القهوة التي أصبحت من عشاقها مؤخرا ، أضع بجانبي "منضدتي " مجموعة من الكتب ؛لأن منظر الكتب يدفع في نفسي (شهوة الكتابة) فتندلق الحروف ...إما مقالا أكتبه وآخر يكتبني .
فما أن أبدأ في إمساك القلم ، حتى أتركة متناوﻻ كتاب من منتصب المجموعة أفتحه بسرعه ، تلتهمه عيناي بشراهه . وأفسد مقالي بالتأجيل .
كثيرا ما تساءلت عن الكيفية التي يكتب بها (نزار قباني) أي جو يعيش ليكتب ؛لا أقصد البيئة الخارجية فل(الكاتب) قدره على خلق بيئة داخلية لا وجود لها في الحقيقة ؛ أعجبني قول للحلنقي حينما سألوه عن الجو الذي كان يعيشه عندما كتب تلك الأغنية فقال إنه كان يعيش في (ربيع الدواخل ) ، فتقافز لي ذهني سؤال هل أفتعل (خريف حرفي ) ﻷكتب؟
عادة ما تخدمني الصدفة في قراءة مواضيع متواترة وعلى فترات مختلفه ولكتاب مختلفين . قرأت قبل أعوام مقال في (مجلة العربي ) الكويتية مقال عنوانه : "نزار قباني إنفصال سلطة الشعر عن النثر" ، جاء الحديث فيها عن أن نزار قباني وقع في مأزق الشعر ولم يتسطع الخروج منه حتى وهو يحاول كتابة نوع أدبي آخر أقرب للشعر (النثر).
وإستدل الكاتب بمجموعة من القصائد والقطع النثرية للشاعر ؛ أكدت ما ذهب إليه .
وهاهي الأيام تمضي والشهور تأفل ﻷقرأ علي إحدى صفحاتها الداخلية مقال للدكتورة نانسي إبراهيم عنوانه "بين نزار الشعر ونزار السرد" ؛ أول ما حضر في بالي نزار قباني "بين الشعر والنثر" ، فما إن غصت في أعماق السطور حتى تفاجأت بأنها تقصد الجزائري (واسيني الأعرج) إذ لقبته بنزار السرد ؛ وللحق واسيني قدره سحرية على تطويع الأحرف تجعله نزارا للسرد.
وتذهب كاتبة المقال مؤكدة قولها " العلامة الفارقة في شاعر المرأه أو كاتب المرأ -من وجهة نظري المتواضعة -،فتكمن في ذلك الشاعر أو الكاتب الذي يستطيع التحدث بلسانها ؛ سيكولوجيا، وسيسيولوجيا ، بل يصل الأمر لفلسلوجيا -كما فعل نزار بقصيدته (حبلى) ، وتلك النقطة تحديدا هي نقطة التماس بين روح الكتابه لدى كل من (نزار قباني) ..و(واسيني الأعرج) ".
والقاريء لكليهما يحس صدق تلك المقارنه ، ف(نزار السرد) كما تسميه يدهشك حين تقرأ له (مملكة الفراشة) تيقن أنك تقرأ لأنثي ، فله مقدره واضحه على التغمص ،وكذلك قباني.
فبين (نزار قباني) و (نزار الشعر) نزار آخر عاشق للقراءة ، للجمال ، يكتب لكم ، يقرأ عنكم ...فبين النزارين ، نزار ثالث يقرأ ما بين السطور ، يفسر ، يأول ...يعشق القراءه حد الإدمان ، اغتباطه بالكتب يعادل فرحة الأطفال بالحلوى، أهميتها عنده لا تقل عن أهمية التنفس ، الأكل والشرب وغير ذلك كله يحبكم .
حبي لكم ...نزار عبدالله بشير
Nezar34530@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق