الخميس، 19 سبتمبر 2019

رسالة إنتحار (3)




نزار عبدالله بشير

لا أعرفكم جميعاً ولا أنتم تعرفونني.. ولكني أريد بشدة أن أناشدكم ألا تقتربوا من قلب أحد إن لم تكن قلوبكم صادقة...لا تخونوا العهود.. كونوا أوفياء. “

ما أنبلك وما أعظمك، تواسي وتُحب حتى و أنت في أعظم مصابك، ولكن من يمتلك هذه الروح المُحِبة لا يفكر في أن ينهي حياته، مهما أثقلته الآلام؛ يبدو أنك قد جُرِحت عميقاً و إنكسرت حتى بانت شظايا شعورك المتناثرة أمام عينيك فحاولت أن تلملمها بما تبقى منك من روح وكان أول من أصابته أنت فكتبت هذه الرسالة اليائسة بإحساس من فَقَد، ذاك الذي ظن لوهلة أن الدنيا لم يَعُد لها معنى بعد الآن ولكنك على غير هذي الهيئة التي تظن أنت أقوى بكثير من ما تعتقد.
أحياناً لا نحتاج لأن نكتب بلغة بليغة لنوصل ما أردنا قوله للعالم، فقط نحتاج لأن نكتب بصدق مقالنا؛ أن تخرج كلماتنا من أقصى أعماق الخافق وهذا ما فعلته أنت؛ خاطبت كل الذين لا  تعرفهم على إمتداد هذه البسيطة - و كأنك تعلم أنها ستصل إليهم يوماً ما،وها هي تصل لهم بذات الصدق الذي خططتها به، ولكن كيف شعورك و أنت تلهمنا جميعنا وتقدم درساً مجانياً في الوفاء للحب وللذين نحبهم أو نبتعد بعيداً إن لم نمتلك الصدق وكأنني أشاهدك وأنت تخط هذه الأحرف وتمسح ما يتقطر من بقية أدمعك على الرسالة وفي الخلفية كلمات عبدالوهاب تنساب من صوت أم كلثوم منادية :
و إذا ما إلتأم جرحٌ...
جَدّ بالتذكارِ جرحُ...
فتعلّم كيف تنسى...
و تعلم كيف تمحو
هي الحياة هكذا، لقاءٌ ففراق، و لقاء ثم فراق؛ لا شئ يدوم ولا شئ يبقى على حاله، لا تأسف على ما حدث، ربما ما ينتظرك أروع من ما مضى من يدري ماذا تخبئ لك الأيام؟ ولكن من المؤسف حقاً أن تكسرك أول تجربة وأنت الذي يراهن أصدقاؤك على قوتك وثباتك في ما واجههم، أين أنت من كل هذا العالم الذي يضج بالعلاقات الغريبة من نوعها؛ يكفيك من الذي مضى ذكرى جميلة و إبتسامة ترتسم على وجهك كلما تذكرت تلك الأيام.
أعلم جيداً أنه من الغباء أن تحدث أحدهم عن جمال الحياة وعن مابها من قِيم وقد فقد لتوهة عزيز أو جرح بسبب ذات العزيز و إنتهت العلاقة بينهما، ولكنه الواقع والحياةهذا يحدث كثيراً؛ لم تكن أول الذين عانوا من تلك الجراحات ولست آخرهم، يكفيك نُبلاً أنك قدمت للعالم رسالة صدقٍ تستحق أن تبقى لمئات، وتستحق أنت أن تعيش سنوات العمر المديد ثمار غرسك وجميل أمنياتك تزهو عاماً بعد عام، فليتك تعود لعقلك وتفكر جيداً بعيداً عن قلبك الذي لن يسمعك الآن ولن يفهم ما ستقوله...
سيوعدك الكثيرون عبر رسالتك تلك أن لا يقتربوا قلب أحد إن لم يكونوا صادقين، ولكن كيف لك أن تطلب معنىً بهذا النبل وأنت تنهي حياتك بغباء لا صدق ولا حق فيه، أتفهم معاناتك ولكن العالم يحتاج لهذا القلب المتدفق بالمحبة حتى فاض بها... هيا بنا ننطلق لنزين هذا العالم بجميل عباراتك وبحلو المعاني التي ينبض بها قلبك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق