الخميس، 21 مارس 2019

القلب حين يخفق...


الذين أجهدوا وجوههم بالتجلد والصبر،وحمّلوها فوق طاقتها من السكون،تظاهروا بأنهم أقوى من كل حدث،فزيّنوا تقاسيم وجوههم بالإبتسامة،و وضعوا على ناصية كل نظرة عين تبرق بالصفاء،فكتبوا خلف ذلك القناع ببراءة الأطفال :
أرجو أن لا تفضحوا حُزني فهو مُرائِي
نجحوا في أن يتمثلوا القوة؛ولكنهم لم ينجحوا في أن يقنعوا ذواتهم؛فتراهم قد إنفجروا بالبكاء حينما يخلون بأنفسهم مترفون في حزنهم،باذخي الدموع،ما أن تنفرد بهم ذواتهم حتى تأخذ نصيبها من رهق التجلد القديم.
نال الزمن منهم؛فأخذ من ملامحهم نضارة الشباب،أو ربما كان متسامحاً معهم،فترك لهم الشباب عُمراً ولكنهم سلبهم روحه فما عادت تستهويهم طموح الشباب ولا ظلوا يحلمون بأحلام الشباب؛في الواقع لم يَعُد يعنيهم في الحياة شئ؛سوى أنهم يعيشون والسلام. هم أقوياء بما يكفي ولكن ليس على الدوام،فالحياة ماضية في مسيرتها،كل يوم تقدم الدروس بمقابلٍ لا يُطاق وبأثمان لا نملكها ولكننا محبرون أن ندرس فيها فليس ثمة خيارٌ آخر.
كل الذين تصادفهم في رحلة الحياة،أولئك الذين تظن أنهم أقوى من كل شئ،هم في الواقع يتمثلون القوة والصبر؛ولكن في أعماقهم براكين تغلي من الحزن والقلق والدموع،إذا صادفتهم إنظر إليهم ملياً تأمل وجوههم التي كنت تظنها الأقوى على الدوام وتخطى حاجز الرؤية الأمي،إنظر إلى ما بعد قِناع الوجه،هناك بعيداً إلى الداخل ستجدهم ينتحبون على ناصية مُصابٍ قديم؛بيد أنهم يحملون لافتة في الواقع ليخفوا بها ذلك الألم العميق،لافتةً مكتوب عليها:
أرجو أن تصدقوا أني بخير...“
أولئك الذين يبكيهم كل شئ؛ولا يبكون؛هم يخافون حزنهم،لذلك لا يظهرونه،تجدهم يذرفون الدمع لكل شئ،في رؤية عناقٍ عابر،في وداع عزيز،عند إبتسامة طفل،يبكون من فيض الكتمان؛دواخلهم ما عادت تحتمل شئ.
القلب حين يخفق يفضحهم،في كل مشهدٍ عابر؛لا يملكون القدرة على إخفاء المشاعر أكثر من ذلك حين يخفق القلب تتناهى إلى أسماعهم أصوات أناتهم القديمة التي خنقوها بالتمثل وإدعاء التماسك،يفقدون عزيز وكأن شئ لم يكن تجدهم أول من يواسِي وهم من يجب أن يُواسَى،تراه وقد أحاطت به الأحزان وحاصرتهم الدموع ولكنه أشبه ما يكون بالجبل ثباتاً وفي واقع قلوبهم ينتحبون في كل زوايةٍ من قلوبهم،أولئك الذين هزهم التعب و أرهقتهم الحياة سيُبكونكم كثيراً إن صافحتم وجوههم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق