الاثنين، 18 مارس 2019

بورتسودان... الصباح كما يجب أن يكون









لا تسأل كم الساعة الآن،هنا فقط يتلاشى قلقك تجاه الوقت ما خلا خوفك من أن يمضي سريعاً،كل الأوقات جمال،الطقس كما يشتهي المزاج لا حار يخنق ولا بارد ترتعش فيه الأطراف؛معتدل تماماً...
هبات الكريم تتدفق هنا وتتجلى مقدرة الخالق وقدرة الإنسان على الإبتكار وإنجاز ما يفيد وينفع؛بورتسودان إن كنت لا تعرفها أو لم تزرها من قبل،فإن الإنطباع الأولى ستظن أنها قطعة من البلاد الأسيوية،تشبه كثير من المدن التي تحمل الطابع الحداثوي مع إحتفاظها بعراقتها، وأنت داخل إليها تتلبسك روح جديدة،غير التي جئت بها من حيث أتيتك،سرعان ما تضمك إليها بلطف،تحتويك وكأنك جزء من بحرها من موجها من ميناءها ومن كل شبرٍ فيها ...
   عن الصباح هنا،أحدثكم...
ستنام ملء راحتك،لن تستيقظ مذعوراً خشية أن يفوتك موعد مستعجل ستستيقظ في الوقت كما ينبغي... شعاع شمسها يستأذن زجاج نافذتك قبل أن يطل عليك لقبل جبينك في هدوء معلناً قدوم الصباح،لا صوت هنا سوى خفقات القلوب بالحب،مدينة الحب لذا لم أستغرب أن يفد إليها حديثي الزواج ربما ليستقوا منها ما نقص ما ود،تضيف إليك بلا مَنٍ وتعطي بلا مقابل.
النوارس على ساحلها تحي القادمين والزوار تحايا ابدية لا تنقطع ولا تنتهي،حفيف أجنحتها يوحي لك بتعابيرها،يهبك البحر مزاجاً لتفعل كل ولن تفعل ستشعر انك راغب في أن تقوم بكل شئ خبأته سابقاً لــ لحظةٍ حلوة،ستشعر أنك بحاجة لأن تكتب كل تلك الأفكار التي كانت تؤرقك منذ أزمانٍ بعيدة،تلهمك إحساس الشعر وإن لم تكن شاعراً،يرد إليك إحساس أن تقتنص لقطة حلوة،ان تجمد الثواني على هيئة صورة، تجتاحك رغبة ان ترقص على ايقاع قديم سمعته يوماً ما ولم تكن لديها الفسحة لترقص حينها، يخالك شعور ان تبكي كل تلك اللحظات الكئيبة وتغسل حزنك بدمعات تختلط ملوحتها مع ملح البحر الأجاج،لكنك لن تفعل شئاً من كل الذي مضى ستجد أن الوقت قد تسرب من كما يتسرب الماء من بين الأصابع ...
الصباح هُنا كما ينبغي أن يكون ...
الطرقات تزيل وحشتك التي لازمتك سنيناً عددا،الناس فيها ليس كالذين قابلتهم سابقاً انقياء أصفياء،تتدرج شمسها إستحياءاً تجرجر أثوابها الملونة الفاخرة وتسير بخيلاء تفيض بالنور حتى يغمر كل أرجاء المكان...
إن حدثوك عن بورتسودان،فعن ماذا حدثوك؟ عن الميناء؟  الكورنيش؟ السقالة؟ ام عن السوق؟
هل أخبروك بأن صباحها (يناسب مزاجك كيف ما تكون؟( ...
شئ يحثك على ان ترتاح،تشعر بأن هواءها يكنس الغبار عن جوانب رئتيك التي إمتلأت بالغبار حتى فاضت بها،الأكسجين فيها ينفض عنك الغبار كمقاعد قديمة،تشعر أن شئ ما يطليك من الداخل بألوانك تلك التي تحب،ألوانك التي تناسبك أنت فقط ... التي لم تخبر بها أحداً حتى لا يعلقوا على ذوقك الغريب .... ستُطلى روحك بالكامل ستصبح إنساناً جديداً تحس أنك أخف من ما كنت ...
في الصباح هُنا كل يوم،يكتسيك إحساسٌ بأنك تسلخ هماً قديماً ليحل محله شعور جديد،ربما لن تدرك ماهيته الآن؛عكس جميع الأماكن التي ما أن يحل الصباح فيها حتى تستيقظ في نفسك كل الهموم،والتذ تضاف إليها هموم وأعباء يوم جديد.. الصباح هُنا...
إشراقٌ حقيقي للشمس،ينسيك اي شروق قد صادفته يوماً او اي لحظة قد كنت تتحينها سابقاً لا تصدقهم إن أخبروك أنها مدينة!!!
هي روح تسكنك فتغطي على كل الجوانب التي جئت هارباً منها هناك ... حيث كل الأماكن منافي ..
الصباح هنا، كما تتخيله الآن ..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق