الجمعة، 6 ديسمبر 2019

راكوبة خريف العرب




محمد عبدالله برقاوي..

كنت مرة  أجلس  في إحدى محطات غسيل  السيارات بمدينة العين أنتظر دوري..فأقترب  مني رجل  يبدو على سيمائة الوقار المتمثل في لحيته البيضاء وهيبة ملبسه   التي تدل على أنه من بلاد شنقيط..فعرف نفسه وقال إنه قاض
شرعي  منتدب  للعمل هنا ..ثم أضاف باسم العينين والثغر  ..أن له ولكل أهل موريتانيا محبة خاصة للسودان ..وبدأ يشرح لى أسباب ذلك بقوله ..ان العلم تسعة أعشاره في البلد الفلاني وقسم العشر  المتبقي على بقية العرب وطاف بعدد من البلاد نسب لكل منها تسعة أشعار فضيلة أوميزةٍ محددة الى أن وصل الى السودان فقال لي أن الله  قد خص أهله بتسعة أعشار الكرم وترك الواحد لبقية الأمم كلها ..أتدري لماذا ..لانهم أكثرالأمم  محبة خالصة و صلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ..في قيامهم وقعودهم وسهوهم ومناداتهم للضيف ليستزيدوه  إذا ما هم قائماً عن المائدة.
في تلك اللحظة أحسست  حقيقة  أن طاقيتي قد ضاقت على رأسي..وكما قال الشاعر الدوش..وكبرت قدمي على حذائي .
الان هنالك أصوات تنادي  بأن يتم تصفية عروق الجامعة العربية من الدماء المستعربة السوداء لتغدو نقية كنانية و عدنانية أوكنعانية .
وهنا لانريد أن  ننزلق الى تصنيفات قد تجعل من تسعة أشعار من يدعون العروبة هم هجين من الفرس  والفينيغين والغساسنة والجاويين و الروهنجا والهنود والبنغال وحتى الواحد  المتبقي لم  يسلم من الامتزاج بدماء أخرى !
و لكن يظل السؤال  الكبير   وهذا ما يهمنا هنا..ماذا فعلت الجامعة العربية لأعضائها في كل محنهم  التي فرقتهم أيدِ سبأ ..دعك عن السؤال حول ما الذي فعلته للسودان !
وهاهي الآن قد باتت  حيزبوناً شمطاء وعجوزاً لفها الخرف  الطويل وتساقطت أسنانها والتوى لسانها الى حنجرتها ..فسكتت عن كل المصائب  التي حاقت  بالعرب المزعومين بالنقاء العرقي والحروب تحرقهم بلهيب الأنظمة الشريرة والشتات يدفعهم الى أحضان دول الكفار التي توفر لهم دفء الحليب  كمثال والحنو  من صدرالخالة  أنجيلا ميركل ..بينما تسد الدول العربية المسلمة  أبوابها في وجهوهم الهائمة  في  لفحة  الصحاري  و لسعات   الصقيع .. فلم يتلقفهم إلا  أهل السودان أولئك العرب التقليد وفتحوا لهم القلوب وحملوهم على الأعين  والرؤوس وأستحملوا كل تصرفات إستخفافهم بقوانين   الهجرة والتجارة  المشبوهة وتزوير العملة و امتهانهم لظواهر التسول الممنهج التي كانت مخجلة في مرحلة ما ولكنها تلاشت بعدأن خبروا  جيداً مواطن الضعف والسماحة فينا لإرتياد مصادر الدخل ألأكثر مردودا دون رقيب اوحسيب !
ماالذي كسبه الصومال وجيبوتي وموريتانيا  وجزر القمر من العرب غيرالتناحر على موانئهم  للإستئثار بخيراتهم ..وماذا جنى حتى أهل اليمن أصل العروبة من حب العرب لهم إلا تمزيق  بلادهم وقتل  أبريائهم  من النساء والأطفال وممرمطة  كيانهم السيادي ورئيس  اليمن محتجز هو وحكومته  التي توصف مجازا  بالشرعية  رهينة خلف أسوار التحالف الذي  لم يستطع  صد الطائرات المسيرة   الحوثية التي بدأت تضرب في عمق حراس اليمن الذين  فشلوا في حماية أنفسهم !
لن نخسر عظماً من بناء جسدنا ولحمه وقدعشنا دائما على منصة الكرامة العالية مرفوعي الرأس لولا إنحطاط نظام الإنقاذ الذي جعل  يدنا سفلى تتوسل الهبات وتستجدي الدخول تحت راكوبة العرب  التي  طالتها الثقوب من كل جانب .
حقاً لقد صدق الشاعر الفيلسوف والسياسي  السنغالي الراحل  ليوبولد سنغور ..الذي قال ..أن السودان أضاع فرصة أن يكون الاول بين الأفارقة ولكنه  أختار أن يسير ويا للأسف..  في مؤخرة العرب !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق