السبت، 23 مارس 2019

نوارس الرزام










 تقف أشجار السنط شامخة تحدق في السماء وكأنها تبتهل لرب الكون بينما تتغازل على أفرعها صغار القماري وتتساقط من إثر حركتها حبيبات (القرض) وأزهار صفراء تطفو على سطح الماء وأصوات النوارس يرجع صداها وهي تلامس ارجلها بالماء ثم ما تبلس تغادر محلقه في الفضاء،ثم يعود من فضاه غائصا الى أعماق الماء ؛ليخرج وعلى منقاره سمكة صغيرة
فيلم سينمائي قصير يدور بذاكرتي بين وقت وآخر، كنا نأتيها صغار متعللين برعي (الأغنام) صباحا قبل أن ترعي الأغنام والضان إلى مراعيها نحمل في أيادينا أواني فارغة  صغيرة بحجم أمنياتنا،نطوف في طريقنا على أشجار الهشاب لنجني الصمغ العربي ونحن في طريق ذهابنا وما تجود به شجيرات السدر من فاكهة (النبق البرية) و أشجار الهجليج حتى بلوغنا  غابة (الرزام )، حيث ترعى على جنباتها معظم  الحيوانات الأليفه ...الرزام هذه الغابة التي يحولها الخريف إلى نهر صغير يغمر سيقان الأشجار حتى يبلغ أوراق الأشجار القصيرة أحيانا، وكم أحتمينا تحت أشجار (السدر الصغيرة) والسماء تمطر فوقنا ونحن نغني على إيقاع زخات المطر وهي تلامس سطح الماء مع طيور النورس،نوارس الرزام التي يقولون انها تأتي من (بعيد) هذا البعيد الذي لم يحدثنا أحد عنه،تأتي مارة بدارفور وأرض كردفان لتستقر هناك لشهر أو شهرين وقبيل جفاف الماء ترحل مودعة إلى مرتحل جديد ... ذاك الرزام الذي يحكي عنه أبي بفخر بأنه كان يسكنه أسد في السابق فكان الأهالي يتنادون حين يسمعون (زئيره) ...فيتنادون بلغة قريتي "الأسد رزم" أي زأر ، الآن وبعد مضي اكثر من عشرون عاما ... طيور النورس تجافي (غابة الرزام) ترى أين هي نوارس الرزام ؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق