الأربعاء، 13 مارس 2019

رسائلي إليكِ






شقيٌ أنا حين تتمطى الثواني على قلبي متثاقلةً وأنا أنتظر قدوم طيفك ملمحاً عابراً، إلى أين مهربي؟ كل الأماكن صارت تحمل ملامحك برهةً،تآمرت عليّ الطبيعة لتعذبني بتذكارك ولا تهديكِ إليّ إلا خطفة من طيف غائب،صارت تناديني الشوارع بكِ، تصرخ جدران الأماكن بإسمك، تطبع بقية الأشياء صورتكِ عليها...

شقيٌ أنا سيدتي،تهمس قطرات الماء في كفي بإسمك وملمسها يذكرني حرير خدِك، أنغام الأغنيات تهذي بإسمك ولا أحد يدري وحدي من يكتوي بلظى الغياب،تمرحين مع الأطفال حين تداعبهم أمهاتهم، تترنمين مع سائقي الحفلات على إيقاع مذياع العربة، تتلبسين الجميلات في الشارع، تتوزعين جمالاً في مختلف بقاع الأرض وحدي من يرى ويسمع ذلك...
شقيٌ أنا... أراك في عناق المحبين كأنك نور يخرج من بين ثنايا اللحظة، في عكازة شيخ كبير يبتسم، رائحة القرفة المسحونة في حوانيت التجارة، في حقائب الحِسان، وفي أرصدة المحسنين، تجلسين بجواري في مقعد الحافلة أطيل النظر إليك، أغافلهم جميعاً أرتمي في حضنك بغتةً يضحكون جميعاً ... تهربين ،أجدني أحضن المقعد فارغاً بجواري، أعذرهم فحدود تبصرهم لا تسمح لهم برؤيتك على ذلك المدى و وحدى من يشقى بكِ غياباً ووجوداً.
شقيٌ أنا ... ويح قلبي!
أشتم عطرك الآن في موكب زفاف قادم، أعلم أنك بالقرب من هنا،أجوب عنك في زحام الناس في الأسوق ،أتصفح وجوههم ولا وجود لك... تظهرين فجأة ملوحة من على حقائب الراحلين على أعتاب المطار ... تلوحين لي بيدك، أجيئك ركضاً كطفل في الرابعة من عمره نحو أمه بعد رحلة ساعة، أتتبعك خطواتك... حتى صالة المغادرة، يحتجزني الخفر، أحدثهم بأن ثمة أمر ضروري لابد أن ألحقه ... يرفض الشرطي... أصر على ملاحقتك،يمنعونني بالقوة لكثرتهم؛ أتحداهم من أجلك، أصرخ بملء ما أملك من صوت (لاآآآآآآآ) وأقاوم، فيرضى كبيرهم؛ ثم يعرضون على النساء المسافرات في صالة المغادرة جميعاً وأردد كل مره ..
_ ليست هي...
_ لا ليست هذه...
_ لم أقصد هذه...
_ ولا هذي...
حتى يعرضونهن جميعاً وأنت تجلسين هناك وترفضين أن تأت معهن... يسألونني ما رائك؟ أجيبهم لن تروها ولن تعرفونها... يطلقوا سراحهن إلى درج الطائرة إستعداداً للإقلاع... يُدخلونني مقيداً إلي صالة المغادرة لأتحقق بنفسي، وحينها أنت ترتسمين على شفاه (مُضيفة الطائرة) تستقبلين المسافرين ... وبعد أن بدأت الطائرة تقلع أراك تشاورين بيدك من أعلى وتغيبين في الأفق ... أنبههم أنك هناك...
يسألونني ساخرين وماذا أخذت منك؟
أردد : أخذت قلبي، أخذت قلبي ....
يقيدون لي بلاغاً بأنني مجنون..
حسناً وأنت هناك ...هل لي برجاءٍ أخير...
" وأنت في أعلى الطائرة ...قلبي لا تنسي أن تقذفيه في اليم عسى أن يُعيده الله إليّ كما أعاد موسى لأمه".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق